Saturday, May 22, 2010

أم جمال نسيت أن لها ابنة... وأم وليد طردها وحيدها وأبو محمد اشتاق إلى بيع الخضار
















بيروت - من فاطمة قاسم

يعرض الابن على أبيه الكهل الذي أكَلَ الدهر وشرب على قسمات وجهه المتجعد بالهموم «هل تدخل دار العجزة يا والدي، ففيها «العناية» و«التمريض» وحتى «الصداقات» الجديدة؟». تعتصر الأب حسرة ومرارة بالغان وترتجف يداه اللتان عملتا طوال أعوام الحياة لتأمين القوت للأجيال التي لا تلبث أن ترد الجميل بـ«القبيح»، ويجيب: «خذني إليها اليوم يا ولدي إن استطعت». الحفيد يحب الجد ويزوره دائماً في «بيته» الجديد. يأتي الشتاء، يقص الحفيد قطعة من جلد الخاروف ويقدمها إلى الجد، ثم يقول لوالده «القطعة الثانية من الجلد سأخبئها لك حتى تكبر يا أبي وأضعك في دار العجزة».
العجوز خلال أعوام الحياة يؤسس العائلة ويهتم بها، يربي ويكبر ويدفع ويسهر، وحين يحين وقت «القبض»، إما يحصل على دفعة تسعده بقية عمره، وإما تكون سؤالاً كهذا، يمضي المسن بعده الأعوام المتبقية في دار التقاعد، بعيداً عن كل ما حلم به وعمل من أجله.
«لم تزرني منذ أعوام خمسة»
الابتسامة لا تفارق وجه الحاجة أم جمال أسيرة الفراش. قدمت إلى مستشفى «دار العجزة الإسلامية» منذ أعوام عشرة ونصف العام لإجراء عملية لظهرها لعدم قدرتها على المشي، وتركها أولادها منذ ذلك الحين. تعزو ابتسامتها الدائمة إلى العائلة التي عوضها بها الله عن أسرتها الحقيقية، فالعناية بالغة في المستشفى ومعاملة طاقم العمل الذي يبلغ 25 طبيباً و150 ممرضاً وممرضة، إنسانية معها كما تقول.
اغرورقت عينا أم جمال بالدموع، وهي تعدد أولادها «عندي صبي وابنتان متزوجون وعندهم أولاد في سن الزواج».
ترددت الحاجة سكينة أي أم جمال في إخباري عن زيارات أبنائها لها في المستشفى، فالموقف جعل ملامح الخجل العميق ترتسم على وجهها المتجعد، وهي تقول إن لها ابنة لم تزرها منذ أكثر من أعوام خمسة والثانية منذ «حرب يوليو» العام 2006، بينما ابنها «البكر» جمال يطل عليها كما تروي، كل شهر مرة. تضع أم جمال الحجج والأعذار لابنتيها وتقول إنهما محكومتان من زوجيهما، ولو أن هذا «العذر أقبح من ذنب» لأن الحياة اختلفت في زماننا، بوجود الهواتف والمواصلات السريعة، ولو ضحّت الابنتان قليلاً بـ«محكومية» الزوجين لكانتا مرّتا ولو سريعاً على «الأم» التي تجلس في فراشها طوال الوقت، متمنية إطلالة من «فلذات كبدها» أو لتحضرا لها «طبخة» كانت تطبخها لهم في ما مضى، عسى أن تردا جزءاً لا يحصى من جميلها، وهي التي حملتهما في أحشائها واعتنت بهما وأحبتهما أكثر من نفسها وسهرت على راحتهما. ورغم المرارة كلها، لم تتضرع أم جمال إلا للدعاء لأولادها بالخير.
«أنا ضيّعت ولقيت والحمد لله لقيت المعاملة الحسنة هنا في المستشفى»، فرغم أن أولادها، الذين سهرت أم جمال على رعايتهم وربتهم حتى شبّوا، لم يسألوا عنها ولم يكرموها في كبَرها رفضت رفضاً قاطعاً الخروج معهم والعيش عندهم إذا طلبوا ذلك.
أم جمال من جنوب لبنان من بلدة حاريص تتحدث باشمئزاز عن زوجها السابق «أنا مطلقة من زوجي من زمان!».
تتواصل أم جمال مع ساكني المستشفى في جميع غرف الطابق. يصرون على إخراجها من الغرفة والسرير الذي تلازمه منذ أعوام عشرة، لكنها ترفض لأنها لا تقدر، وتتمنى، كما تقول باكية، أن تعود فتمشي كما كانت، «أجلس الوقت كله أشاهد المسلسلات على التلفاز». وأم جمال التي تحب الطبخ، يسمح لها الممرضون بالاحتفاظ بـ«الكركبة» من الأكياس الممتلئة بالكماليات والأغراض غير المستعملة، «فهذه تسليتي الوحيدة!». تمنت أم جمال أن أجلس معها أكثر، عانقتني وقبلتني ودعتني لزيارتها مرة أخرى، لكنها في قرارة نفسها ربما لا تظن ذلك، فأولادها من لحمها ودمها لم يعودوا ليستعيدوها وتركوها منذ أعوام، وأحالوها إلى التقاعد باكراً لكن من دون تعويض!
من «حرب يوليو»
دفعت حرب يوليو 2006 أولاد الحاجة أم حازم إلى إحضار أمهم إلى «دار العجزة». ففي يوم من أيام الحرب القاسية على الضاحية الجنوبية لبيروت، وبينما كانت أم حازم تطعم القطة في حديقة البيت الذي تعمل فيه في منطقة الشياح، أصابت البيت قذيقة أدت إلى فقدان أم حازم رجلها. فتمت معالجتها، لكنها كانت في حاجة لتركيب طرف، فجيء بها إلى الدار كما تروي.
لأم حازم أربعة أولاد، رجلان غير متزوجين لا يزورانها أبداً، «أصلاً أنا لا أريد السكن معهما، إذ هما في شجار دائم ويسكنان في بيتيْن منفصليْن». أما البنتان فتحكي أم حازم بغصة وحرقة أنهما أيضاً لا تسألان عنها، واحدة متزوجة في سورية والثانية في صيدا على وشك الولادة، وطبعاً هذه حجة أم حازم لعدم الزيارة فهي «مستقيمة»، حسب شرحها لحال ابنتها، رغم أنها لو كانت في صحة جيدة لما أتت لزيارة أمها، «الأم» التي أوصت الأديان والشرائع والأخلاق كلها بالبر بها والاعتناء بها عاجزة كانت أم قادرة. فبعد هذا العمر، كانت أم حازم لا تزال تخدم في البيوت، وهي التي ربت وحيدة أربعة أولاد بعد موت زوجها.
تحمد أم حازم الله على العناية التي تقدمها المستشفى التي تضم تحت سقفها 700 مريض (350 عاجزاً ومسناً و350 مريضاً عقلياً ونفسياً)، وتتحدث عن «حنية» الممرضات، «كلهن على سلامتهن». خرجت الحاجة مرات عدة للإفطار في المطاعم مثقلة بالهموم والحسرة، حبيسة كرسيها المتحرك، الذي تتحكم فيه لتتنقل في أرجاء الغرفة التي تضم أيضاً ثلاث مسنات طريحات الفراش. كل منهن كسر ظهرها الهم و»الذل» في خريف العمر، والأوراق الأخيرة من وريقاتهن الصفراء بدأت بالتساقط. لدى النظر في عينيّ إحداهن ترى أكثر من سبعين عاماً من الشقاء والحزن والذكريات المحرقة الأليمة، وترى تساؤلاً «لماذا أنا وحيدة، لماذا لا تكون أيامي الأخيرة بين أولادي وأحفادي، ماذا فعلت ليعاقبني أولادي!».
«وحيدُ» أمه أحضرها
ريشةُ الدهر خَطّت على وجه أم وليد خيوطاً، إن دلت على شيء فعلى الدرب الطويل المليء بالأشواك الذي سارت عليه مدى عمرها، لتصل إلى محطتها الأخيرة الموجعة «دار العجزة». مرضها ليس السبب الأوحد لتركها في هذا المكان. وحيدُها وليد هو من أحضرها إلى هنا، كما تروي، بحجة أن ثمة «حكيماً شاطراً» متخصص في أمراض القلب. ومذاك، تركها في الدار لأن زوجته لا تريدها في منزلها، «رغم أنني أويتها أربعة أعوام عندي في البيت».
يدفع «وحيدُها» مالاً حتى يتخلص منها، فبدلاً من أن يُبقيَها في بيته معززة مكرمة، وهي التي ربته وكرمته، يضعها حيث يوجد كما تقول، الراحة والنوم والأكل. وتتذكر أم وليد زوجها الذي توفي العام 1975 وتشير إلى أن عندها بيتها الخاص، لكنها لا تسكن فيه، لأنه لا يوجد من يرعاها. ففي الدار هنا، لديها صديقات تجلس معهن طوال النهار في الردهة الخارجية حيث الحركة الدائمة لطاقم المستشفى. وفي آخر النهار، يرجع كل مريض إلى غرفته حيث يحصل على صينية العشاء.
في هذا الوقت، وبينما كنت أتحدث إلى أم وليد، كانت لمياء جالسة تنصت لحديثنا، وتعلق تارة ضاحكة، وطوراً ساخرة من الزمن الذي جعل وليد يترك أمه.
تتحدث الإنكليزية
اللغة الإنكليزية رفيقة لمياء «المغرورة» ذات الشعر الفضي، التي ترفض أن تُنادى بـ«الحاجة». وتقول راسمة ضحكة ساخرة «أنا مش حاجة». تأبى أن تجلس مع الأخريات مبررة «ليس مستواي من مستواهن» وترفع يدها، مشيرة إلى أنها أرقى منهن.
أخو لمياء أحضرها إلى الدار وهي غائبة عن الوعي، لكن صحتها أفضل الآن. لا تستطيع المشي إلا بالـ «walker». وتتساءل «أين العلاج هنا؟ أختي تعطيني ما أشاء».
تخرج لمياء العزباء متى تشاء، تنام «Sometimes» في الدار، وتعتبر أن الوضع في البيت أفضل وفيه مساحة حرية، لكن هنا الوضع جيد أيضاً. خارج المستشفى، تسكن لمياء في بيت منفصل عن أختها، لكنهما تلتقيان دائماً.
«اشتقْتُ لحياتي»
في ردهة داخل المستشفى صُفت فيها كنبات عدة، يتوزع رجال الدار المسنون. منهم من يغرق في غياهب زمنه، جسده هنا وروحه في زمن ومكان آخرين، ومنهم من يتسامر مع رفيق تعرف اليه داخل الدار، وصار يشكو إليه همومه أو يروي ذكريات الزمن الماضي المغمّسة بالحسرة والألم. ولكن وجوههم كلها تُجمع على عدم الانتماء إلى المكان الذي وجدوا فيه قسراً، وربما ينتظرون وصول أحد الأحبة ليخرجهم ويعيدهم إلى حيث يجب أن يكونوا.
حال أحمد ليست كبقية الحالات، فهو ليس أباً رماه أولاده وقت نهاية «الخدمة»، إذ إنه ليس متزوجاً. كسر وركيه هو الذي جعل أخاه السبعيني يدخله الدار. لا يترك «الوجع» أحمد ولو لفترة قصيرة منذ ثمانية أشهر ولا يسمح له بالنوم والراحة الا قليلاً. هو في الدار فقط إلى حين يشفى. يقول: «لا أحب العيش هنا، ليس هذا مكاني، والجلوس ليس مهنتي. عملي في قول المدائح في الموالد، اشتقت لحياتي». في ختام حديثنا، قام أحمد ليرافق أخته الزائرة، وضع يده في يدها وسارا في الرواق الطويل، ليكتشف ما أحضرت له اليوم.

«وبّختني ابنتاي لأنني زرتُهما»
«الدهر يومان، يوم لك ويوم عليك، عش في ابتهاج تكن طبيب نفسك». هذه الحكم رددها حسن الجبيلي أبو محمد في بداية الحديث. آخر هذا العام، يُكمل أبو محمد أربعة وسبعين عاماً. أعوام أربعة حتى الآن هي المدة التي أمضاها في المستشفى، في وقت كان من يفترض أن يخرج بعيْد علاج رجله التي تضررت بسبب حادث. مشاكل أبو محمد عائلية ومادية، خسر بيته في حارة حريك (الضاحية الجنوبية)، وسرقت «البيك - آب» التي كان يبيع عليها الخضار.
«بعدما خسرتُ البيت والعمل، تركتني زوجتي وابنتاي وذهبن للعيش في رأس النبع، لا يزرنني إلا نادراً. ومرة قبل ثلاثة أشهر، ذهبت للتعزية بقريب لي ومررت لأزور ابنتيّ، فأنّبتاني لأنني لم أتصل قبل أن أحضر، فخرجت مكسور الخاطر»، وتابع: «إبني يعمل صائغاً، وهو يزورني أسبوعياً».
ويدعو أبو محمد «الله يقدرني أن أجمعهم في بيت واحد مجدداً، أود الخروج لمتابعة حياتي وعملي»، ويضيف: «أسعى حالياً وراء مصلحة، إذ عندي محل في كركول الدروز استأجرتْه البلدية».
أبو محمد يعيش «مستوراً» في الدار، رغم وجود القليل من «المضايقة» حسب وصفه. وبانزعاج شديد بدا على وجهه، تذمّر من تخلص عاملي النظافة من أغراضه الخاصة. كان عنده «مروحة» صغيرة و«خلاط» وأكياس ، فهو يحب الاستفادة من كل شيء عسى أن يستفيد من بيعها ببعض المال.
«دار العجزة»... تاريخ معطاء
مستشفى «دار العجزة الإسلامية» الواقع شرق المدينة الرياضية في بيروت، انبثق من رابطة لجان الأحياء الإسلامية، وكان من أهم مهماته إنشاء دار للعجزة وللمسنين في بيروت. و»دار العجزة» مؤسسة خيرية إنسانية تقدم الخدمات الطبية العامة منذ نشأتها في العام 1952.
يقول مدير المستشفى عزام حوري «الدار تستقبل المرضى من الطوائف والأديان والمذاهب والمناطق والجنسيات كلها، وشرط الدخول هو صحي بحت، الطبيب هو المفتاح الذي يعاين المسن ويقرر ما إذا كنت حالته تسمح بذلك، كما أن توافر السرير الفارغ أساسي، بالإضافة إلى بطاقة الهوية».
يتخصص المستشفى في مجالين أساسيين، فهو مستشفى للأمراض العقلية والنفسية ودار للعجزة وللمسنين .
الأسرّة الموجودة في المستشفى مليئة بالمرضى، وهناك لائحة انتظار طويلة للدخول. يقدم المستشفى خدماته لنحو 700 مريض مقيم، ويطمح إلى التوسع عبر مشروع يساهم في رفع العدد إلى 2000 سرير.
مر المستشفى بمحطات رئيسية عدة، ففي سبتمبر 1952 كان تأسيس «دار العجزة الإسلامية»، تلاه الافتتاح في 1954. في العام 1959 افتتح قسم الأمراض العقلية والنفسية وتحولت الدار إلى مستشفى. أما في العامين 1975 - 1976 عندما اندلعت الحرب اللبنانية فتعرضت مباني المستشفى للقصف والتدمير. وفي العام 1982 كان الاجتياح الإسرائيلي للبنان وتعرض المستشفى إلى القصف المباشر بالقذائف المدفعية والفوسفورية، والتي أدت إلى تدمير قسم الأطفال بكامله. في 1985 دمرت حرب المخيمات أقساماً عدة في المستشفى، واحترق المختبر والصيدلية، كما تعرضت أقسام المستشفى إلى أضرار جسيمة في التجهيزات والمعدات. وبين العامين 1990 و1994 ومع انتهاء الحرب اللبنانية، بدأت عمليات البناء وإعادة التأهيل والتوسيع. ومنذ العام 1995 بدأ المستشفى بتقديم تسهيلات تدريبية لطلاب الجامعات والمعاهد، وبدأ العمل في برنامج التخصص في الطب العقلي والنفسي. فقد حصل المستشفى، كما يوضح حوري، على اعتراف من المجلس العربي، وصار تعليمياً، وتعاون مع «جامعة بيروت العربية». وفي مارس من هذا العام، افتتحت وحدة العناية الملطفة للمرة الأولى. من ناحية التجهيزات، هي تشبه قسم العناية المركزة، لكن مهمتها المواكبة الطيبة والتمريضية والرعائية لشخص في حاجة إلى عناية في لحظاته الصعبة جداً، من لحظات غيبوبة، وصولاً الى حالات مرضية مستعصية تتطلب إقامة طويلة.
ويعتمد «مستشفى دار العجزة الإسلامية» في وارداته على مصدرين أساسيين هما المصادر الثابتة، وهي العقود الموقعة مع المؤسسات الضامنة، وأبرزها وزارة الصحة التي تساهم في تغطية مصاريف إقامة المريض العاجز أو المسن أو المزمن بمبلغ مقطوع هو 15.600 ليرة يومياً ما يعادل نحو عشرة دولارات. أما بالنسبة إلى المريض العقلي والنفسي فتساهم وزارة الصحة بمبلغ يومي مقطوع هو 24000 ليرة، أي ما يعادل 16 دولاراً. كذلك، تساهم وكالة «الأونروا» في تغطية مصاريف إقامة المريض بالمعايير نفسها المعتمدة من قبل وزارة الصحة. أما المصادر غير الثابتة فتشمل المساهمات والمساعدات والتبرعات عبر حملة «أذكرونا بالخير» الإعلانية، وهي شعار مستشفى «دار العجزة الإسلامية».
ويقول حوري ان «الموارد الثابتة تغطي نحو اربعين في المئة من مصاريف المستشفى السنوية ما يجعله في حال قلق دائم لتأمين كامل التغطية السنوية من الممولين والمتبرعين وأهل الخير في لبنان والبلاد العربية والمنظمات المحلية، العربية أو الدولية. مع الاخذ في الاعتبار أن المريض يكلف ضعفي المبلغ المقرر من المؤسسات الضامنة».
إلى جانب العلاقة التي تربط عمل المساعدات الإجتماعية بالأطباء من جهة وبالمريض من جهة أخرى، تربطها أيضاً علاقة بأهل المريض من جهة ثالثة بهدف إيجاد التوازن الاجتماعي والنفسي لديه. ويشرح حوري أن «المساعدات الاجتماعيات يقمن بنشاطات اجتماعية عدة مثل حفلات عيد ميلاد المرضى في شكل أسبوعي والرحلات إلى المناطق اللبنانية في شكل أسبوعي واستقبال المجموعات الشبابية والكشفية في نشاطات مشتركة داخل حرم المستشفى وخارجه. وثمة وسائل ترفيه مثل القراءة والمطالعة ولعب الورق والشطرنج وطاولة الزهر وعروض الفيديو والرياضة والرسم. وتنظم حفلات في مناسبات مختلفة كعيد الأم».
ويلفت حوري إلى أنه «عند دخول المريض المستشفى يتعهد الأهل خطياً الاهتمام به وتأمين حاجاته، بالإضافة إلى الزيارة والاتصال أو المساعدة الاجتماعية».
يدعو حوري الناس غير العارفين بدار العجزة الى اكتشافها لأن المؤسسة في تطور دائم، ويشدد على «دعوة الأهالي إلى مزيد من الزيارات لأنها تعكس راحة نفسية وروحاً معنوية، لأننا العائلة البديلة وليست الأصلية».
ويشير إلى أن «المساهمين ليسوا محليين فقط»، ويذكر إحدى العائلات الكويتية التي زارته صدفة، وهي مؤلفة من أربع أخوات، ساهمن بالتبرع عن روح والدتهم، ورُفعت لوحة تذكارية بهذا الخصوص وقدمن مساهمات أخرى. ويتمنى أن «يتم بيننا وبين الكويت تبادل مهني، وكوننا مستشفى متخصصاً، لا نمانع التحاق أطباء الصحة ببرنامجنا».

حادث تحطم الطائرة الهندية القادمة من دبي

ضحايا الحوادث المرورية وأهلهم فضفضوا إلى «الراي» عن معاناتهم والألم الذي يعتصرهم







بيروت - من فاطمة قاسم

ثلاثة قتلى يومياً، هذا معدل ما تسببت به حوادث السير في لبنان في العام 2007، حسب جمعية «يازا» الناشطة في مجال مكافحة هذه الظاهرة، والحصيلة 850 قتيلاً و10500 جريح. وهذا الرقم مرشّح للزيادة بنسبة 20 في المئة نهاية السنة الحالية إذا استمر إهمال معالجة مشكلة حوادث السير وتركها على وضعها الحالي.
غيبوبة... وعودة الى الحياة
بلال حليمة احدى ضحايا حوادث السير. ذاكرته الحادة ترجع بالزمن الى الوراء 18 عاماً وتعرض المشهد بتفاصيله الدقيقة وكأنه يحدث الآن. يستعيد بلال تاريخاً أليماً مر عليه وغيّر مجرى حياته الى الأبد: «قبل أن أُغمض عيني للمرة الأخيرة قبل الغيبوبة، أتذكر أنني كنت على باب مستشفى الجامعة الأميركية، عندما وضع الأوكسجين على فمي، ورحت في غيبوبة استمرت ستة أشهر».
بوجهه المبتسم دوماً، استقبلني بلال في مقر عمله في جمعية «المساعدات الشعبية النروجية». كان يهم بالانطلاق الى دورة تدريبية للغة الإنكليزية، لكنه توقف ليتحدث عن الحادث الذي كان ضحيته الوحيدة بلال نفسه، إذ كانت للحادث عواقب وخيمة.
طار أمتاراً
ويروي بلال أن 28 ديسمبر 1990 التاريخ المشؤوم الذي يحمل في طياته ذكرى لن ينساها طوال حياته: «كان عمري آنذاك 11 عاماً ونصف العام، وكنت في الصف الثاني المتوسط لم أكن قد قضيت شهرين من السنة الدراسية بعد. وبينما كنت أنزل منحدراً في منطقة الكولا في بيروت، أحنيت رأسي أرضاً لألتقط غرضاً، فما كان من سائق احدى السيارات إلا أن صدم رأسي بسيارته لأطير أمتاراً عدة، ثم أتبعها بضربة أخرى لست أذكر أين كانت. لم أشعر حينها بأي ألم، ولم تنزل ولا قطرة دم من جسدي. ومن قوة السرعة، ارتطمت السيارة في سياج جسر الكولا وتهشمت كلياً، لكن السائق لم يتضرر».
استيقظ طفلاً صغيراً
ويتابع «بقيت واعياً حتى باب المستشفى، عندما تم وضع الأوكسجين على فمي، غبت عندئذ عن الوعي، ولم يكن ظاهراً إذا ما كنت سأعيش أو سأموت».
كان بلال بحال الخطر الشديد في الأشهر الثلاثة الأولى من الغيبوبة «كانت تنتابني هزات قوية بينما كنت في الغيبوبة. خلال ذلك الوقت كان الدم لا يزال متجمداً في دماغي، لكنه نزل عندئذ من أذني. وعندها ارتاح الأطباء وعرفوا أنه لا يزال هناك أمل وأن جسمي لا يزال يعمل. وفي الشهر السادس بعد الغيبوبة، استيقظت. كنت كالطفل الصغير، أحتاج الى المساعدة في كل ما كنت أقوم به. أتذكر أن الكل هجم علي والبيت انقلب مجدداً وتنفس الصعداء، أول كلمة نطقت بها كانت (جدتي، بدي إشرب). والمرة الأولى التي مشيت فيها كانت في العام 1993. بعدها أفقت وصرت أتابع علاجاً فيزيائياً في جمعية المساعدات الشعبية النروجية».
ضربة الرأس والإعاقة
بلال يروي قصة الحادث، ويتنقل في أرجاء المشغل، تارة يدلني على الأغراض التي يعمل بها وطوراً يتحدث مع زبون دخل كان بحاجة الى مساعدة، ثم يكمل بلال «كنت أعاني شللاً دماغياً، تَأَثَرت أعصابُ يدي اليسرى ورجلي اليمنى أيضاً، ومازلت أضع لها جهازاً حديدياً حتى الآن. وفي العام 1993 سافرت الى رومانيا للعلاج الفيزيائي. تحسنت تقريباً 80 في المئة ثم رجعت فأكملت دراستي في مدارس الأونروا حتى صف الشهادة المتوسطة. بعدها دخلت جمعية (قوس قزح) وعملت في صناعة كراسي المعوقين المدولبة لمدة عامين من العام 1996 إلى 1998. كنت أصنعها صناعة كاملة. كان عملاً مرهقاً جداً، ولم يكن المردود منصفاً، فانتقلت الى النروجية».
هنا، ارتسمت على وجه بلال ابتسامة عريضة حين كان يحاول أن يصف شعور فرحه بالرحلة التي حصل عليها في العام 1999. «ذهبت الى النروج لمدة عشرة أيام، وكانت الرحلة التي رفعت معنوياتي. كانت نفسيتي متعبة للغاية بسبب الظروف التي مررت بها، وكنت بحاجة الى كلمة دعم ووقفة الى جانبي. استقبلوني في النروج استقبالاً باهراً، وأنا في شكل خاص قُيّمت أفضل تقييم، وعندما عدت، كان قد حلّ شهر رمضان، وبدأت مباشرة في العمل في أجهزة المعوقين. أنا أعمل في تركيب وصنع الأطراف، أقوم بالصب والتنعيم حتى تصير كالأطراف الحقيقية عبر مراحل تصنيعها، أصنع الأطراف المخصصة من الفخذ إلى الركبة أو من نصف الفخذ الى الحوض أو حتى أسفل القدم».
خلال عامين، تعرف بلال الى جمعية اتحاد المقعدين اللبنانيين، قدموا له دورات تدريبية عدة، كما ساعدته «النروجية» أيضاً. يقول بلال «طوّرت نفسي ودرست الكمبيوتر»، وذلك كله في ثمانية أعوام.
ضمن نشاطات اتحاد المقعدين اللبنانيين، يشرح بلال أنه «كانت محاولات حثيثة للدمج بين الأسوياء والمعوقين، ولا يعتقد أن ذلك نجح في كثير من الأحيان، إذ إننا أقمنا مرة مخيماً صيفياً في صغبين، وكانت مؤسسة التنمية للبيئة والإنسان موجودة، وكانت مجموعات من الأسوياء تجلس منفردة. انزعجت كثيراً ونقلت ذلك إلى المسؤولة، وكانت محاولتي ناجحة، فعاد الدمج وتحسن الوضع. في آخر نهار، كان الوداع مؤثراً، وبكت إحدى الفتيات، فبكيت معها».
يرجع بلال الفضل والشكر لله ثم لوالديه ويقول: «أمي وأبي كانا الشخصين الأهم في أصعب مرحلة في حياتي، وكانا أكثر المتأثرين بوضعي، وأنا أقدر ذلك كثيراً وأُجلّ.ه».
جاكلين والحادث الأليم
بعد أيام قليلة من انتهاء العدوان الإسرائيلي في يوليو 2006، وبينما كانت رنين في طريق العودة إلى بيت أهلها في جبيل، وبسبب غياب الإنارة، لم تنتبه إلى إشارة التحويل على جسر المعاملتين الذي كان مدمراً بفعل القصف، فارتطمت سيارتها بحاجز الباطون وانقلبت في الوادي واشتعلت فيها النار. الأم، الفنانة، جاكلين خوري لم تكد الحياة تبتسم لها بعد زواجها وسفرها إلى الولايات المتحدة، إذ كانت تنتظر توأماً، حتى صفعت برحيل ابنتها رنين من زوجها السابق فادي لبنان. ولم تستطع جاكلين حضور مراسم الدفن لأنها منعت من السفر بسبب حالتها الصحية فقد كانت حاملاً بتوأم. خبر الفاجعة أدخلها المستشفى، حيث خسرت أحد الجنينين، في وقت كان الخوف على حياتها التي كانت في خطر، فقد ولد الطفل الآخر قبل أوانه.
أشتاق اليها كل لحظة
تقول جاكلين انها من وقت الى آخر تحس بالفاجعة في شكل فظيع فتبكي بجنون «أشعر أن طفلتي معي، أشتاق اليها كل لحظة هي دائماً في بالي لا تغيب عن تفكيري أبداً».
ورنين ابنة الـ 22 عاماً كانت تقيم في منزل جدّتها لأمها، بعد زواج جاكلين وسفرها، فقد اطمأنّت عليها بعد أن أصبحت شابة، لكنّها حرمت من ابنتها التي ضحت لأجلها بشبابها، فرفضت الزواج بعد طلاقها، خوفاً على مشاعر طفلتها التي كانت تصرّ عليها دائماً أن تعود إلى عالم الفن، كانت تتحسر لأن والدتها ابتعدت عن عالم الأضواء، ففي أكثر من مناسبة صرحت جاكلين بأنها ستعود إلى الفن إرضاء لابنتها التي كانت تحلم باستعادة نجومية والدتها التي تربّعت على عرش الجمال، قبل أن تقرر الانتقال إلى الغناء.
رنين كانت نقطة ضعف والدتها، فحين انتقلت للإقامة في المزرعة في برنامج «الوادي»، بكت أكثر من مرة، لأنها اشتاقت إلى رنين، فهي لم تعتد على فراقها.
سرعة أم إهمال؟
«بالغلط عرفت بالحادث، اتصلت صديقة رياض من المخفر، نهار الأحد الساعة العاشرة، وقالت إنه تعرض إلى حادث، وأخي أحمد برفقته. قالوا إن الحادث كان على طريق صيدا القديمة، بينما الحادث كان على طريق خلدة، فبدأ قلبي بالغليان»، يقول عصام القيسي، أخو أحمد، الذي أودى حادث سير بحياته منذ أعوام أربعة، ويضيف: «انطلقت إلى المخفر لابساً ثياب النوم، سألوني ما هي القرابة بينكما، وأخبروني أن كل من كان في السيارة قد مات. توجهت مع أصحابي إلى مستشفى بعبدا، فتشت عن أحمد لمدة ساعة، حتى عرفت بوجود البرادات. بينما كنت أنتظر، تقدم إلي أحد أصدقاء أحمد وقال الله يصبرك».
أحمد ورياض وحسام داخل السيارة، يتوجهون إلى بيروت. فجأة، تحول سير السيارة من خط النزلة إلى خط الطلعة، واصطدمت بسيارتهم سيارة أخرى تقودها عائلة الدغيلي، التي احترقت. مات كل من كان في الحادث: أحمد وصديقاه ورجل وزوجته الحامل وطفل.
يعتقد عصام، الأخ الموظف في الجامعة العربية في قسم الموازنة، أن سبب الحادث إهمال البلدية والدولة، إذ لم يكن الحاجز النصفي الحديدي موجوداً، «فلو كان موجوداً لكانت السيارة ارتطمت به ولم تذهب إلى الجهة الثانية. وحتى الآن الطريق لم تصلح ومازالت ذاتها».
توجه عصام الى القضاء بعد الحادث وكان ينوي رفع دعوى، «لكنني تراجعت لأن المصيبة حصلت لا شيء سيعوض الذي ذهب. لا أريد أن أرفع دعوى على البلدية ولا على أحد لأن قدر أحمد أن يموت في الحادث».
وعن تقرير الخبير، يذكر عصام أنه تضمن معلومات مفادها أن «سيارة طلعت من جهة إلى أخرى لكن السبب الحقيقي لم يظهر».
نوبات آلام
تغيّر نمط الحياة اليومية لعائلة أحمد بعد الحادث، وبعد مرور أعوام أربعة مازالت والدة أحمد ووالده متعبين، ويعيشان على أدوية الأعصاب، يقول عصام: «أبي عنده ضغط، وأمي مازالت حتى اليوم تعاني من نوبات عصبية ليلاً. لكن الحياة تستمر، أختي تزوجت والثانية في دبي، وأنا مازلت أنام مع أهلي، في وقت كنت أنام معه في غرفة الجلوس، وتبقى حالة أهلي هي الأصعب».
عند ذكر الحادثة، مازال عصام يحس بالذنب: «ما يزعجني أنني كان يجب أن أكون معه. لقد توسل إلي أن أذهب معه لكنني لم أرضَ. كنا على شجار طوال الوقت، ولكن للمفارقة، في يوم الحادثة، خرجنا معاً بالسيارة ورفض الجلوس في الأمام، وجلس في الخلف وحده».
ينصح عصام الشباب أن يفكروا بعقولهم لدى قيادتهم السيارات، ولكن «الحادث إذا كان مقدراً أن يقع... فسيقع. لا شيء يمنعه».
«مرت على خير»
«حظي من السماء»، هكذا يصف خالد قاسم حادثي السير اللذين تعرض إليهما، «الحادث الأول كان بسبب سائق (فان) أردت أن أتجاوزه بدراجتي النارية، فاستخدم الفرامل مما جعلني أصطدم به. كان حادثاً مرعباً، ولولا ستر الله لكنت تكسرت أو متّ، كانت خسارتي مادية فقط. أما الحادث الثاني المروع فقد تعرضت إليه عند قيادتي دراجتي على طريق المطار، كان المازوت على الأرض غير مرئي، دست الفرامل، فتزحلقت وانقلبت وكانت سيارة مارة بيني وبينها مسافة قليلة، لكنها لم تدهسني ومرت على خير».
وعن «التفنن» بقيادة الدراجة يعترف خالد «أنا أشفط فيها إذا كانت الأرض جافة، لكنها وقت المطر تصبح خطرة، عندئذ أتمهل». وعن تدابير السلامة، لا يلتزم خالد بوضع الخوذة «لأنها تشعرني بالحر، مع أنني حُجزت ثلاث مرات بسببها».
خالد حديث العهد بالقيادة أصلاً، يقود منذ عام فقط. «الشبوحة» هي لقب دراجة خالد المشهورة في المنطقة، «هي مسجلة لكن عليها رسو ميكانيك لستة أشهر، وأنا لا أحمل إجازة سوق. احتجزني الجيش مرة لأنني كنت أتجول بعد الساعة السادسة، مع أن القرار لم يكن معمماً حينئذ. أنا أقود (الشبوحة) لأنها أوفر».
«الحزام يزعجني»
نشوة يجدها أحمد فوعاني (22 عاماً) عندما يختبر جنون السرعة على طرق العاصمة، وخصوصاً «نزلة السلطان إبراهيم». يرى أنه يحقق ذاته من خلال القيادة السريعة، لكن يفضل عدم اصطحاب أحد معه أثناء الاسراع كي لا يعرض حياة أحد أحد إلى الخطر. لا تهنأ له القيادة ما لم ينازل جميع من يحاول تجاوزه على الطرق، حتى لو كان في ذلك خطر على حياته وحياة الآخرين، يهوى أحمد السباقات على الطرق العامة والأوتوسترادات لما فيها من تحدٍ ومتعة، لا سيما الدخول والخروج بين السيارات».
ورغم تقصير الدولة تقع المسؤولية أيضاً على قلة اكتراث الشباب للتدابير الأمنية ورغبتهم بالقيام بحركات في القيادة تلفت نظر الناس اليهم. وبسبب هذا العشق والوله بالسرعة، تزيد نسبة الاحتمال بتحول الشباب الى مشاريع ضحايا.
يتحدث أحمد عن حادث تعرض إليه: «كنت خارجاً من طريق فرعية بالقرب من بيتي، فاصطدمت سيارة أجرة بسيارتي من الخلف، وكان السائق الآخر مقبلاً بسرعة فارتطم بالحائط. وتم نقله الى المستشفى». عن إجراءات السلامة يقول أحمد: «لا أضع حزاماً لأنه يزعجني نفسياً، أشعر أنني إذا وضعته سأتعرض إلى حادث. أضعه فقط عند حواجز التفتيش».
أما بالنسبة إلى الدراجات النارية، فيقول: «دراجتي النارية ليست شرعية، أقودها فقط في الضاحية. أستعملها في المشاوير القريبة فقط ، فهي وسيلة أسرع من السيارة، أستعملها ليلاً، أحلى من السيارة... عجقة وبنزين». ويتفاخر: «لا أضع الخوذة، (شو بدي ضحك العالم عليي؟) ليس معي دفتر قيادة. أنا أصلاً لا أستخدمها كثيراً لأنني أعتبرها خطرة». وبالنسبة إلى جسر المشاة يقول: «ولا مرة طالع على جسر المشاة، أصلاً لا أنتبه الى وجوده».
«اليازا»
جمعية «يازا» كانت أصدرت تقريرها السنوي عن الوضع المروري في لبنان للعام 2007 الذي أشار إلى أن الأزمات السياسية الحالية في لبنان كانت السبب الرئيسي في التفاقم الكبير لمشاكل الحوادث على الطرق عبر تراجع أداء معظم الإدارات والوزارات المعنية في شؤون سلامة السير، مما أدى إلى تسجيل أرقام قياسية في جميع أنواع الإصابات في جميع المحافظات اللبنانية.
كما اعتبرت «يازا» في تقريرها السنوي أن حوادث الطرق ستستمر في تسجيل أرقام قياسية في العام 2008، إذا استمر التقصير المزمن في تطبيق قانون السير. كذلك أكدت أن الحُفَر تزداد على الطرق العامة وأن صيانة الطرق أصبحت شبه غائبة مع الإشارة إلى الآثار السلبية الناجمة عن التأخر في صدور قانون سير جديد وعصري.
وأكدت «يازا» التزامها مواصلة النضال لمواجهة مشكلة الحوادث ورفع مستوى السلامة العامة في لبنان رغم الظروف الراهنة التي يمر بها لبنان.

رسالة رنين

الفنانة جاكلين خوري التي استُضيفت في برنامج «سيرة وانفتحت» على شاشة «المستقبل» قرأت رسالة كتبتها ابنتها رنين ووجدت بعد أشهر على وفاتها، وهذا أهم ما جاء فيها:
«لشخص ما، في مكان ما...
في بعض الأحيان أتساءل: لماذا أتعرض لسوء المعاملة؟ (...) لماذا عليّ أن أغيب أو ربما لماذا جئت إلى هذه الحياة في البداية؟ أعرف أمراً واحداً: لقد وُهبت شيئاً حرّكني... غيّرني... وجعلني الشخص الذي أنا عليه اليوم. لقد وُهبت الحياة. أنا حية. أعيش وارتبط بهذا الشيء... الذي حدث لي والذي مازال يحدث حتى هذه اللحظة. أبكي كثيراً... ويحدث أيضاً أنني ابتسم كثيراً. البعض قد لا يبالون ولكن هذا أكثر بكثير من عادي... إنه أمر كبير وخارج عن السيطرة: إنها الحياة. لا أريد ان أذهب. لا أعرف إذا كنت مستعدة لقبول حقيقة إن مخلوقات مثلي قد تغادر... تعلمت من الحياة ليس لأنها فرصة لا تعلم ولكن لأني أحب أن أعيش. لأنها جزء مني وأنا جزء منها ونحن متكاملان. لست خائفة من الموت. كيف يمكنني أن أخاف من الراحة... من اكتشاف ما بعد الحياة... من عبور الخط؟ إلا أنني لست جاهزة بعد... أحياناً أشك في معتقداتي: ماذا لو كنت مخطئة؟ ماذا إذا كان الناس لا يعبرون الخط بل فقط يختفون؟ فقط ينتهون؟ هذا ليس ممكناً. أعتقد أني هنا من أجل هدف ما... لغرض ما. خلق الله هذا العالم جميلاً حتى الكمال... ومعقداً حتى استحالة الفهم. لذا لا يمكن أن تكون الحياة بلا سبب أو بلا قيمة... آمل أن تعرف أنك السبب الذي جعلني أعرف كيف أحب. أنت السبب في أنني أصبحت مؤمنة. وأنت السبب الذي سيدفعني لأن أترك بصمة... كي لا أُنسى... لأعيش حتى بعد أن أغادر... فلا تتخلّ عني».



الراي الكويتية