Wednesday, May 28, 2008

الشباب الجامعي وكيمياء الهروب من الواقع :عبير ورفاقها يحكون عن رحلاتهم مع الإدمان


بدأ إدماني بثلاث حبات يومياً من البنزكسول »، هكذا تشرح عبير 22 سنة المرحلة الأولى من بدئها تعاطي الحبوب المهدئة. عبير طالبة جامعية. أجبرها والدها على التوقف عن الدراسة للعمل وجني المال. تقول «عشت طفولتي في السعودية، وقد تعرضت لتحرش جنسي. والدي كان صارماً وقاسياً معي. بعد توقفي عن الدراسة، تعرفت الى أصدقاء بدأت معهم تجربة حبوب الأعصاب التي كانت نتيجتها هروبي من الواقع وإحساسي في الفترة الأولى بالنشوة والفرح والراحة التي تحولت الى هذيان وهلوسة وسبّبت جفافا دائما في فمي. صرت بحاجة دائمة الى طعام مذاقه حلو». وتضيف «لم تعد تكفيني الحبات الثلاث فبدأت تناول عشر حبات يومياً، عندئذ لاحظ أصدقائي غير المدمنين علامات الإدمان عليّ. أخبروا شقيقتي التي سرعان ما اخذت تهددني بإخبار أهلي بالأمر فحاولت عندها التوقف». تشير عبير الى توقفها عن الإدمان لشهر كامل، بعده «تشاجرت مع أهلي، فأصبت باكتئاب. بدأت العمل في وظيفتين، الأولى معلمة صباحاً في مدرسة والثانية من بعد الظهر كنادلة في مقهى. هنا أدمنت على الترمال Tramal، وتدهورت صحتي، وصرت لا أستطيع تناول الطعام. وظهرت بقع سوداء في أنحاء جسمي وسواد تحت عيني، بالإضافة الى بكاء دائم. فقررت التوقف عن تعاطي هذه الحبوب. وتدريجياً بدأت محاولتي لكنني طردت من عملي لأنني لم أكن أصل اليه في الموعد المحدد، إذ أصبح نهاري ليلاً والعكس صحيح ». وتختم عبير «الآن عدت الى عملي واستعدت نشاطي وعاودت التسجيل في الجامعة». ويشير زياد (24 سنة) وهو موظــف في مكتــب للهــندسة، الى انه لا مشاكل عائلية ولا مادية عنده، لكنه من خلال السهرات التي كان يقضيها مع رفاقه جرّب «حبة السردة»:«ريفوتريل»، ويبرر تعاطيه اياها بأنها «تروّق الرأس وتجعلني هادئا في عملي، لا قهر ولا تعصيب. بالاضــافة الى أنها جعلتــني اجتماعيا ومرتاحا في التعاطي مع الآخرين». ويلفت زياد الى انه في طريقه الى العمل في الخارج. أما محمود (20 سنة) فقد كان يحضر حفلات موسيقية ويسمع الاغاني التي تدعى «Trance»، فدفعته هذه الاجواء الى تعاطي حبوب «XTC» (اللذة الكبرى) التي تتفاعل مع هذه الموسيقى لتعطي نوعا من الاثارة. حبوب متنوعة تتنوع حبوب الهلوسة وتختلف أسماؤها فـ«البنزكسول» المعروف بالـ «B» هو دواء لمعالجة اضطرابات الباركنسون والادوية التي تسبب حالة اضطراب في انحاء الجسم، بينما «XTC» هو مخدر يتلف الخلايا الدماغية ويسبب نموا غير طبيعي لبعض الالياف وفشلا في النمو في مناطق اخرى. المدمنون على «اكس تي سي» يخاطرون بتلف خلايا الدماغ و التسبب بأضرار بالغة للفكر والذاكرة. أما «ال سي دي» فهو عقار يصنع من مواد طبيعية وأخرى كيميائية ويحضر فى معامل سرية. يتم تداوله عن طريق حفظه فى ورق مخصوص على هيئة طابع البريد يحمل أشكالا وألوانا مختلفـة متعددة يوجد منه بعض ألانواع على هيئة أقراص أو مسحوق أبيض اللون أو في صورة كبسولة. يسبب هلوسة للمتعاطي مدتها الزمنية قد تصل الى ما يقرب من سبع ساعات تجعل المتعاطي فى رحلة بعيده جداً عن الواقع ويقع في خيالات قد تؤدي به الى الانتحار أو الموت كما يحدث «ال سي دي» اضطرابات عصبية شديدة. يكون المتعاطي في حالة هستيرية مهلوسة ويظهر عليه التهيؤات والتخيلات ما يجعله يهذي بكلمات وأفعال، فيما يسكّن دواء «ترامال» الآلام المتوسطة والشديدة، جرعته اليومية يجب ان لا تتعدى 400 ملغم، وهو يسبب دوخة، صداعا، دوارا، نعاسا، إمساكا، غثيانا، ارتباكا، هلوسة، عصبية، طفحا جلديا، زغللة في الرؤية، وفي حالات قد يسبب صعوبة في التنفس وقابلية للانتحار. وهذه الحبوب يمنع ان تباع بدون وصفة طبية. أم النور تقول المديرة العامة لمركز أم النور للوقاية من المخدرات واعادة التأهيل منى اليازجي، ان حالات كثيرة من الادمان على الحبوب المهدئة تأتيهم، وهذه الحالات تكون نتيجة لوضع نفسي. تشير اليازجي الى انه «مهما اختلفت البضاعة المدمن عليها فالنتيجة ذاتها. والتأهيل في مركزنا هو عمل سلوكي تربوي اجتماعي، كي يعاد المدمن الى سلوكه الطبيعي. ويكون ذلك بالمعالجة النفسية ولقاءات حوارية ووحدات عمل، حتى يكتشف الاسباب الحقيقية كي يرجع الشخص الى حالته الطبيعية». وتضيف «تهدف جمعية ام النور الى تحقيق التعفف الدائم وتحسين قدرة المريض على التفاعل، والتقليل من التعقيدات النفسية والطبية لتعاطي المخدرات، بالاضافة الى اعادة المريض الى الاتجاه الاجتماعي السليم». برنامج علاج المريض يستمر من 12 الى 18 شهرا. يدعم المريض طبيا، نفسيا، اجتماعيا، قانونيا وروحيا. يعتمد مع المريض علاج المجموعة ويتابع بشكل مستمر لاعادة دمج المريض مع المجتمع. لدى الجمعية فريق مؤلف من مستشارين، مدمنين سابقين، عاملين اجتماعيين، معالجين نفسيين، أطباء ومحامين. وتلفــت اليازجـي الانتباه الى انه «اكبر نسبة من المدمنين هم شباب. يعيشون قلقا: الوضع العائلي، الاقتصادي. وقد تعود اسباب الادمان الى ضغط المجموعة التي يرافقها الشخص او اسباب اخرى».وتعيد اليازجي استخدام عدد كبير من الأفراد هذه العقاقير الصيدلانية ـ مع او دون وصفة ـ الى «اعتقادهم انها تساعد على مواجهة المشاكل والصعوبات فى حياتهم اليومية. ومن بين هؤلاء افراد من كبار السن من المواطنين الذين يواجهون العزلة، والشبان المعرضين لتزايد المسؤوليات، والاجهاد، أو اختبار احداث مأساوية. مشاكل النوم هي في كثير من الاحيان سبب للاستشارة الطبية. سواء بصفة موقتة أو عرضية، فإنها يمكن ان تصبح مزمنة.

فاطمة قاسم

السفير5-12-2007

سلة أيلول تعرض قرطاسية وكتباً بأسعار تشجيعية:التعبئة التربوية تفتح باباً للمنح المدرسية والجامعية




تترافق الأزمة السياسية مع ارتفاع أسعار حاجيات الناس الأساسية، في ظل تقاعس المؤسسات الرسمية. فتسعى بعض الجمعيات والأحزاب الى سدّ الفراغ عبر تقديمات اجتماعية بسيطة للطلاب، عسى أن تخفف أعباءهم مع بداية العام الدراسي الجديد. وينطلق الاستحقاق المدرسي لدى الاهل الذين يعملون على تأمين مقعد دراسي وكتب وقرطاسية بأسعار مدروسة لابنائهم . وفي هذا الإطار، بدأت التعبئة التربوية في «حزب الله»، كما قال المسؤول الإعلامي دانيال علوية سلسلة نشاطات صيفية متكاملة للطلاب من برامج اجتماعية، ثقافية، توجيهية وترفيهية، تحولت منذ الاثنين (13 أيلول) إلى «سلة أيلول» التي تتطرق إلى هموم الأهالي بالنسبة للأقساط واللوازم المدرسية وذلك في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، وتتضمن ثلاثة أنشطة: 1ـ مكتبة الإعارة: تخفيفاً للأعباء التي تثقل كاهل أهالي الطلاب، أخذت التعبئة على عاتقها تخفيف المسؤولية عن الأهل عبر التكفل بالكتاب الرسمي. فتعمد إلى إعارة الكتب للناس المحتاجين برسم 1.000 ل.ل. فقط كضمانة لاسترجاعها عند نهاية العام الدراسي. وقال علوية «تغذية لمكتبة الإعارة، تتلقى التعبئة تبرعات مالية وعينية، كالكتب المستعملة القديمة، وذلك في مراكزنا في معرض سيد الشهداء ـ حي السلم ـ المريجة ـ الكفاءات ـ بئر العبد ـ حارة حريك ـ الغبيري ـ الشياح ـ الأوزاعي ـ بئر حسن ـ نويري ـ زقاق البلاط ومراكزنا في الجبل: بشامون ـ كيفون ـ والقماطية، وتبدأ هذه المراكز باستقبال طلبات الاستعارة ويتم رفض أو قبول الطلب خلال 48 ساعة وفقا لأولويات الحاجة والحالة، وتصبح الكتب جاهزة للاستلام خلال 24 ساعة». 2 ـ المنح الدراسية: يوجد المركز الرئيسي لاستقبال المنح الجامعية والمهنية في مركز بئر العبد، ويقسم الطلاب حسب التوجهات والميول الأكاديمية. ووفقا لسياسة التعبئة، يتم دعم التعليم الرسمي، عبر توجيه الطلاب إلى الجامعات والمعاهد الرسمية، حيث الأعباء المالية أخف، تتراوح المنح في الجامعات بين 25 و50٪، وفي المهنيات بين 25 و80٪، ويوجد بعض الاستثناءات في المهنيات فتصل إلى 100٪ في المؤسسات الخاصة التي تتعامل معها التعبئة. 3 ـ اللوازم المدرسية: تتعامل التعبئة مع خمس مؤسسات مكتبية، وفي ما يخص الأسعار اشترطت التعبئة من خلال العقود أن تباع اللوازم بأقل من المتعارف عليه خارج المعرض بنسبة 15٪. ويلفت مدير المبيعات في دار ومكتبة نون والقلم علي زيعور إلى أن المؤسسات في المعرض تتنافس فقط بالبضائع المستوردة وتتراوح الحسومات بين 15 و20٪ عن الأسعار المتعارف عليها خارجا. ويلاحظ زيعوت أن الناس يأتون من مختلف المناطق اللبنانية. ويؤكد مندوبو المؤسسات المشاركة أن فترة الذروة هي ما بين الساعة 305 بعد الظهر و009 مساء. يتضمن المعرض أقساما خاصة بالمعاهد والهيئات الخاصة، وبعض الأقسام المختصة ببيع الإلكترونيات، ويتخلل المعرض ندوات ومحاضرات صحية وفحوصات طبية ومعاينات أطفال. يمتد المعرض إلى 28 أيلول الجاري من العاشرة صباحا لغاية العاشرة مساء، مع ساعتي فراغ وقت الإفطار في رمضان.


فاطمة قاسم


السفير10-9-2007

اعتصام احتجاجي لطلاب آداب «اللبنانية» المبنى متهالك وتجهيزات متآكلة وبائسة

نفذ طلاب كلية الآداب والعلوم الانسانية في الجامعة اللبنانية ـ الفرع الاول اعتصاما صباح امس احتجاجا على تدهور حالة البناء وتخلف التجهيزات. وناشد الطلاب الذين تجمعوا تحت الأمطار، المسؤولين تحسين وضع كليتهم أو نقلهم الى مجمع رفيق الحريري الجامعي في الحدث. الطالبة سحر كرنيب اشارت الى انها دعت الى الاعتصام «بسبب غياب حقوقنا، فالمبنى ليس جامعيا». وشكت سماح ابراهيم (سنة اولى أدب انكليزي) سوء حالة المقاعد وغياب التجهيزات الصوتية واضطرارهم الى الصعود على الأقدام الى الطبقات العليا من المبنى بسبب منعهم من استعمال المصعد. أما رنا السيد (سنة ثانية أدب عربي) فقد شاركت زميــلتها نيـفين هاشم (سنة رابعة أدب انكليزي) في المطالبة بالانتقال الى مجمع الحدث، «ليس لدينا كافتيريا ولا ملعب ولا حتى دورات مياه لائقة». استاذ مادة القضايا الحضارية وعلم الاجتماع الدكتور سمير سليمان، أعلن تضامنه مع الطلاب، مشيرا الى ان وضع الصفوف ليس طبيعيا. وأكد أن «موضوع المبنى مزر وقديم منذ بداية تأسيس الجامعة اللبنانية، وقد ساء وضعه وتضاعف عدد الطلاب فيه وترهّلت حالته، ولا تتوفر فيه أي مواصفات أو شروط أكاديمية تناسب الطلاب، والمبنى بالاساس سكني، متداع وفقير». أضاف سليمان أن «الابنية في الحدث أعطيت للكليات العلمية وبعض الكليات الأخرى، في حين أخذت عنوة أبنية أخرى، وبقيت خارج الحدث كليتا الآداب والعلوم الانسانية ومعهد العلوم الاجتماعية الذي يعاني هو الآخر مشكلة بناء أيضا». وطالب بإجراءين أولهما إقامة بناء خاص بالآداب والعلوم الانسانية على المدى المتوسط، وتأهيل المبنى على المدى القصير. ودعا رئيس الهيئة الطلابية عباس قطايا الطلاب الى الاضراب بعد الاستحقاق الرئاسي حتى الحصول على مبنى لائق. ووصف خطوة الاعتصام بأنها جاءت عفوية بالرغم من ان الهيئة ليست هي الجهة الداعية الى الاعتصام. وقال ان مجلس الفرع كان قد اتخذ قرارا بالتصعيد منذ بداية العام، لكن الظروف السياسية لم تسمح بذلك، مشيرا الى سوء وضع مبنى الكلية. فيما أشار مسؤول حركة «أمل» حسين ضاوي الى أن المطالب تعني جميع الطلاب، لكن الحركة لم تتبن التحرك بسبب الوضع، وأشار الى اجتماعه مع مديرة الكلية الدكتورة هناء بعلبكي ورفعه المطالب اليها.
فاطمة قاسم
السفير21-11-2007

«غرينبيس» تطلق حملة «دفاعاً عن متوسطنا»


في وسط تجمع طلابي هزيل، وفي ظل عدم مبالاة لافت من المحيط السكني والشعبي، بدأت «غرينبيس» سلسلة أنشطة بيئية من مدينة صيدا امتدت على مدى يومي السبت والأحد الماضيين ضمن الحملة التي أطلقتها تحت شعار «دفاعاً عن متوسطنا». تتضمن الحملة القيام بجولات على طول الشاطئ اللبناني للتوعية حول مخاطر تلوث البحر المتوسط واهمية إنشاء شبكة محميات بحرية. تخلل النشاط نصب خيمة لـ«غرينبيس» على الكورنيش مقابل قلعة صيدا البحرية وتنظيم معرض للصور وعرض فيلم وثائقي بعنوان «المحميات البحرية من أجل تعافي المحيطات». كما تضمن لقاء مع رؤساء بلديات واتحادات ونقابات الصيادين وممثلين عن منظمات أهلية وبيئية بالاضافة الى طلاب من ثانوية المقاصد الخيرية. وشرحت مسؤولة حملة المحيطات والبحار في «غرينبيس المتوسط» غالية فياض خلال حديثها لـ«السفير» «ان الجولة تهدف في المرحلة الاولى الى تسليط الضوء على المخاطر المحدقة بالبيئة البحرية وتقديم الاقتراحات لإعادة البناء والحفاظ على المواطن والانظمة البيئية عبر انشاء شبكة من المحميات البحرية». وأشارت فياض الى «ضرورة المشاركة وتبادل الآراء حول هذا المشروع مع المعنيين من الهيئات والمنظمات من أجل توفير الدعم لإنشاء المحميات». كما أكدت «ان العمل الفعلي يبدأ في المرحلة الثانية عندما تبدأ الوزارات المختصة في المشاركة في عملية إصدار مشاريع القوانين ». المتوسط يتعرض للنهب وترى «غرينبيس» ان البيئة البحرية تتعرض للنهب والتدمير المنتظم بسبب الصيد الجائر، والصيد غير المشروع، والتلوث والتغير المناخي. لذلك يلزم انشاء شبكة من المحميات البحرية في المتوسط من اجل حماية صحة وحياة البشر والانواع الاخرى التي تعتمد عليه لتحيا، اذ يشكل المتوسط صلة وصل بين افريقيا، آسيا، وأوروبا، وتمتد سواحله على 46 الف كلم تتشاطرها 19 دولة. هذا المورد الغني يغذى الحضارة البشرية منذ آلاف السنين لكنه اليوم مهدد بالزوال. نظرا الى انغلاق البحر الابيض المتوسط شبه الكامل، تحتاج مياهه الى حوالى 100 عام كي تتجدد. وبيئته الفريدة تحضن مجموعة هائلة من الانظمة الحيوية بما فيها مروج أعشاب البحر والتيارات الباردة والوهاد التي يصل عمقها الى 5000 م. يضم المتوسط اكثر من عشرة آلاف نوع تشكل بين 8 و9 بالمئة من التنوع البيولوجي في العالم في مساحة لا تتجاوز 0.7 بالمئة من مساحة المحيطات. وبعض هذه الانواع ـ على الاقل ربعها ـ فريد من نوعه ولا يتواجد الا في المتوسط. المؤسف ان عدة انواع فريدة، كفقمة الراهب، والسلحفاة الخضراء، والسلحفاة الجلدية الظهر باتت معرضة للانقراض. يعتمد الملايين من سكان حوض المتوسط على البحر نفسه كمورد رزقهم، لتنوع ثروته البيولوجية ودور الصلة الذي يلعبه بين القارات الثلاث. غير ان قصر المسافة بين تلك الشعوب والاستعانة الكثيفة بالبحر في الصيد وتربية الاسماك والتنقيب عن النفط والغاز وشفط الرمول والحصى اضافة الى النقل البحري التجاري، شكلت ضغطا خانقا على البيئة البحرية المتوسطية. لذا يحتاج البحر المتوسط على الفور الى شبكة من المحميات البحرية من اجل الحفاظ على تنوعه البيولوجي وضمان صحته وإنتاجيته لبقاء اجيال المستقبله. المحميات للحماية ولمناسبة الذكرى الأولى للتسرّب النفطي على الساحل اللبناني، دعت «غرينبيس المتوسط» إلى توفير الحماية الجديّة والطويلة الأمد للبحر المتوسط من مختلف المخاطر التي تتهدده، وذلك عبر بناء شبكة من المحميات البحرية تشكل أداة أساسية لصون حياة ملايين الأفراد الذين يعتمدون في معيشتهم على البحر. وفي حين يتم العمل على التخفيف من حدة التسرب النفطي، تغيب أي محاولة لوقف الدمار الذي يلحق بالبيئة البحرية. وان شبكة المحميات البحرية هذه، والتي تغطي 40 في المئة من المياه الاقليمية اللبنانية يمكن ان تسمح بحماية مواقع بحرية قيّمة مثل مسارب المياه الجوفية الحارة، والمواطن التي تستخدمها السلاحف والأسماك في سياق هجرتها ووضع بيوضها. كما تسمح هذه المحميات للبنان بإدارة البيئة والموارد البحرية وفقاً للمبدأ الاحترازي ومقاربة الأنظمة البيئية. فهي تسنح بمراقبة الأنظمة البيئية البحرية بانتظام، وتصبح مخصصة للدراسات العلمية المرجعية، لا سيّما أن الحوض الشرقي من المتوسط يفتقر إلى مثل هذا الحيّز. تبرز الحاجة الى انشاء هذه السلسلة من المحميات البحرية الواسعة النطاق، التي تتحصن بحماية كاملة وتضم مجموع الانظمة البحرية المتوسطية، على غرار ما تفعله المحميات الوطنية على اليابسة.

فاطمة قاسم

السفير30-10-2007

Tuesday, May 27, 2008

أحد عشر بينهم 7 أطفال في غرفة واحدة في شاتيلا :دموع لشهداء الجيش برغم معاناة التهجير


الغرفة الصغيرة مظلمة، بقعة صغيرة منها مضاءة بشمعة، طفل ممدد على فراش رطب يعاني الحساسية والزكام. عبد الهادي ذو الاثني عشر ربيعا، يقيم مع جده وجدته ووالديه وإخوته الستة في بيت صغير معتم خال إلا من بعض الفرش القديمة وخزانة مهترئة قالت «أم العبد» ان جارتها قدمتها لها بعد اللجوء. هذه هي الصورة الاولى عن حال عائلة أبو العبد الفلسطينية التي هجرت من مخيم نهر البارد، بعيد بدء اشتباكات الجيش اللبناني مع تنظيم فتح الاسلام . أم العبد التي حدثت كانت تارة ترسم على وجهها ابتسامة ساخرة من الوضع، وطورا تذرف دمعة قهر وحسرة على الخسارة. فبعد تعرض منزلهم الكائن في الطبقة الرابعة لخطر الدمار فوق رؤوس ساكنيه، قرر أبو العبد المجازفة واللحاق بسيارة اسعاف كانت مهمتها في ذلك الوقت نقل الجرحى من داخل المخيم، وذلك خلال «الهدنة» الصغيرة الموقتة. قضى أبو العبد وعائلته ثلاثة أيام في منزل شقيقته في مخيم شاتيلا في بيروت، ثم استأجر غرفة تسمى بيتا صغيرا بمبلغ 150الف ل.ل. وآوى فيها أطفاله السبعة المحرومين من أبسط حقوق الطفولة، كما حرم من حق ضمان الشيخوخة والحياة الكريمة الجدة والجد الذي يعاني اضطرابات عصبية بسبب تعرضه لصدمة التهجير الثانية خلال حياته بعد تهجير اول من مخيم تل الزعتر شرقي بيروت الذي سقط في آب .1976 قالت أم العبد إنها حصلت على مبلغ مليوني ليرة لبنانية بعد تهجيرهم من المخيم من السعودية تسلمتها من وكالة الغوث ـ الاونروا، وما زالت تنتظر المبلغ الذي وعدتهم به الوكالة لسداد ايجار بيتهم «الجديد». ما زال زوجها بلا عمل، برغم كونه المعيل الوحيد للاسرة، ولا مصدر مساعدة خارجيا إلا بعض المؤسسات الاجتماعية التي تقدم المواد الغذائية، خصوصا «بيت أطفال الصمود» التي تقدم الالبسة والحفاضات والادوية. «ولا تخلو الدنيا من فاعلي الخير الذين يدقون بابنا في بعض الاحيان فيعطوننا مبلغا ماليا». وتابعت ام العبد «لا نعرف الليل من النهار، لا يوجد ضوء ونحن محرومون من أبسط الحقوق البشرية. وأنا رغم معاناتي من «الديسك» فإنني أغسل الملابس على يدي. وأعالج في مؤسسة الحريري بلا مقابل. وتتابع أم العبد صحة اولادها في مستوصفات الهلال والاونروا، «ابني يوسف (5 سنوات) يعاني حساسية في صدره، فالطقس هنا حار ورطب، وأنا أخاف على عائلتي من قدوم الشتاء لأن مياه المجارير تطوف على البيوت. لا نعرف مصيرنا ولا يوجد من يهتم». وأضافت: «لا أسمح لأولادي باللعب خارجا بسبب قلة النظافة». أطفال بلا حقوق ترك عبد الهادي (12 سنة)، مجدي (12 سنة)، رزان (11 سنة)، أيمن (9 سنوات) ويوسف (5 سنوات) مدرستهم قسرا، فأكملوا 15 يوما في مدرسة أريحا التابعة للاونروا في بيروت. قال عبد الهادي: «من المفروض ان انتقل الى الصف السابع السنة المقبلة، لكن المدرسة الجديدة لم تسمح لنا بإجراء الامتحانات النهائية بسبب عدم حصولنا على الكتب». لا تعجب عبد الهادي الحياة في شاتيلا فرفاقه جميعا في البداوي. ولفتت رزان الطفلة الصغيرة النحيلة الى انها قامت بعدد من الاشغال اليدوية والالعاب الترفيهية والرحلات الميدانية التي نظمها بيت اطفال الصمود، «وأنا أيضا يجب ان انتقل الى الصف السادس»، وتابعت « نهر البارد أفضل، هنا تكفي روائح مياه المجارير». «بيت أطفال الصمود» المدير العام للمؤسسة الوطنية للرعاية الاجتماعية والتأهيل المهني ـ «بيت أطفال الصمود» قاسم العينا قال: بعد تدمير مركزنا في نهر البارد تم نقل طاقم الموظفين والاطفال الذين تتكفل بهم المؤسسة الى مركز البداوي. فاستكمل النشاط والمساعدة التي تقدمها هذه المؤسسة التي تعنى بالاطفال الذين فقدوا والديهم او أحدهما، بغض النظر عن جنسياتهم، فتقدم دعما ماليا شهريا للطفل المتكفل، أو بتقديم مساعدات عينية من ملابس وحفاضات وأدوية. وتمول المؤسسة من المنظمات الأجنبية والعربية غير الحكومية الصديقة. والمؤسسة تأسست في العام 1976 بعد مذبحة تل الزعتر لتأمين المساعدة والدعم للأطفال الايتام. رئيس قسم الشؤون الادارية والمالية في «بيت أطفال الصمود» ذياب قاسم قال: ينظم مركز المؤسسة في البداوي يوميا نشاطات صباحية متنوعة وبرامج مسائية موسيقية وألعابا خارجية وأشغالا يدوية لاطفال البارد. ويقوم بالمهمة متطوعون مدربون على العمل مع الاطفال، مشيرا الى ان للمؤسسة «خمس عيادات أسنان ومراكز إرشاد أسري تعالج بمساعدة متخصصين الاطفال الذين يعانون حالات نفسية مرضية. كما تنظم المؤسسة دورات حول الصحة الانجابية والرعاية الصحية، وتتابع عملها الاجتماعي في متابعة أسر المؤسسة والاطمئنان عليهم بتوزيع المساعدات العينية والنقدية، بالاضافة الى الاندية الرياضية والقيام بمشروع تنظيف أماكن النازحين في التجمعات. وتضم المؤسسة سبع روضات للاطفال في مراكزها الاحد عشر في مختلف انحاء لبنان. «بيتي أو الانتحار» رغم معاناة المواطن اللبناني أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية متتالية، تدني خدمات الكهرباء ومياه الشرب وغيرها، يبقى اللاجئ الفلسطيني في وضع أشد تأزما وعوزا مفتقدا شتى الضمانات الصحية والاجتماعية التي تضمن له حياة كريمة، خصوصا الاطفال منهم المعرضين للتهجير المتجدد، فهم يفتقرون الى الغذاء السليم والنظافة ويواجهون ضغوطا نفسية قاسية تسبب لهم اضطرابات، ويفتقدون براءة الطفولة المعتادة عند هذه الفئات العمرية. «اللي صار فينا مش هين»، هذه كلمات الجدة أم نزار التي كانت تبكي بقهر وحزن عميقين على ما حدث لها ولعائلتها وصغارها الذين لا حول لهم ولا قوة، «كل الشعوب لها أوطان وهويات وحقوق إلا الشعب الفلسطيني ينام في ظلام دامس لن يفيق من محنته إذا بقي الوضع على حاله»، وأضافت ساخرة ومقهورة «يا ليتنا خلقنا جراثيم في الأرض أو متنا، قلبي سينفجر اذا لم أرجع الى بيتي في مخيم نهر البارد الذي قضيت في بنائه مع زوجي 60 عاما، أرجعوني الى بيتي او الى فلسطين او سأنتحر». تذرف الدمع على بيتها وتذرف دموعا حارقة على «أولادها» من شباب الجيش اللبناني الذين «قاموا بحمايتنا فلماذا قتلوا؟؟!».

فاطمة قاسم

السفير12-9-2007

كلية إعلام اللبنانية تسرّع خطى تعزيز شهاداتها:نظام الدكتوراه السنة الحالية والماستر ـ 2 بعدها

«تسرعوا في اقرار الماستر ـ 1 ولا طاقم تعليمياً مهيأً بشكل سليم» هكذا تحتج الطالبة دعاء حسون التي أنهت إجازتها في كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية ـ الفرع الأول، وسجّلت للحصول على الماستر في الكلية نفسها، ومثل هذا الاختصاص «موجود فقط في الجامعة اللبنانية». تنتظر دعاء تنفيذ وعد المسؤولين بتطبيق الماستر ـ 2 خلال السنة الدراسية المقبلة. ودعاء واحدة من عشرات الطلاب الذين بدأوا دراساتهم العليا في كلية الإعلام بانتظار حل المشاكل بتوقيع المراسيم التنفيذية، لتكون شهادة الليسانس معترفا بها بـ3 سنوات، على ان تكون السنة الرابعة للماستر ـ 1 وليست سنة رابعة جدارة بالاضافة الى استحداث الماسترـ .2 ويرى رضوان مرتضى ان الماستر ـ 1 مكمل لاختصاصه في الصحافة المرئية والمكتوبة وبدونها يكون الاختصاص ناقصا إذ يدرّب الطالب خلال هذه السنة على تقنيات الصحافة ويعلّم على التفكير كصحافي متمرّس. وينوي رضوان البحث في كيفية متابعة دراساته العليا في جامعة اخرى. سوزان قانصوه حصلت على اجازة في إدارة المكتبات والمعلومات، وهو الاختصاص الذي دخلته كزملائها في مجال الدراسات العليا ـ مهني. تتحدّث سوزان عن صرامة النظام في الماستر، فعلامة النجاح هي60/,100 «رسبت في مواد كانت علاماتي فيها فوق الخمسين علامة». وتشكو سوزان من عدم اعتراف الدولة ومجلس الخدمة المدنية بإجازة الثلاث سنوات، إذ تعتبر الماستر ـ 1 سنة جدارة. وتلحظ سوزان أن هناك مواد خارجة عن الاختصاص، «عندنا مادة «الشبكات» في الفصل الثاني ليست لها علاقة في المجال». وتتذمر من زيادة إلزامية الحضور 10٪ فأصبحت 80٪ ،»اذ يوجد طلاب يعملون إلى جانب دراستهم، في الوقت الذي يكرّس فيه الجزء الآخر كل وقتهم للدراسة ». وتنوّه رانيا شرّي ـ إجازة في إدارة المعلومات والمكتبات ـ بالمواد التي درستها في ال الماستر ـ ,1 إذ رأت انها جديدة ومفيدة، لكنها وصفت قرارات الجامعة بالتعسفية بخصوص رسوب عدد كبير من الطلاب، فالحضور إجباري. وطالبت رانيا بسنة ماستر ثانية بعد الوعد الذي أطلقه المسؤولون. «تأسيس «لوبي» للجامعة اللبنانية»، هو ما تذكره فؤاد خريس من كلام رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر خلال حفل تخرج أول دفعة من طلاب الإعلام المجازين بثلاث سنوات والتي تزامنت مع تسلّمه منصبه، بانتظار تحقيق الوعد. وفؤاد المجاز بأربع سنوات في اختصاص التوثيق، لم يغادر مع أصدقائه الذين اتّجهوا نحو الدراسات العليا في فرنسا. فبقي في لبنان آملا بتحقيق طموحه في الحصول على هذه الشهادة من كليته بعد الكلام عن استحداث نظام الماستر في وقت لم يكن موجودا بعد، آملا توفير تكاليف السفر للدراسة في الخارج. تؤكده منسقة المعهد العالي للدكتوراه الدكتورة مي عبد الله، «اننا بصدد التحضير للماسترـ 2 ليصدر في السنة الدراسية المقبلة 2008 ـ 2009»، وأعلنت أيضا عن بدء الدكتوراه خلال هذه السنة 2007 ـ .2008 وتشير عبد الله الى ان العمل الآن بشكل جدي على برامج السنة الاولى (ماجستير) والسنة الثانية ماجستير لتحضير الاطروحة. وتؤكد عبد الله ان الطلاب الذين درسوا ثلاث سنوات يعتبرون حائزين على اجازة معترف بها، ويجب مراجعة رئاسة الجامعة عند أي اشكال. من ناحية ثانية، وبعد اعلان د. زهير شكر ان رسم التسجيل لسنة الماستر في كلية الاعلام والتوثيق سيبقى على حاله (245 ألف ليرة لبنانية بدل 750 ألفا)، لفتت عبد الله الى ان القرار مؤقت فقط حتى السنة القادمة. وتجدر الاشارة الى ان نظام التعليم في كلية الاعلام والتوثيق هو نظام الـLMD الذي يعتمد أيضا في كليات الفنون، إدارة الاعمال والعلوم. ويشرح ممثل الأساتذة في كلية الاعلام والتوثيق ـ الفرع الاول ـ الدكتور على رمال عن هذا النظام المتبع لانه يتوافق مع المعايير والانظمة المطبقة في دول العالم، حيث أصبحت العملية متوازنة ضمن السنوات والفصول ما يفتح فرصا أكبر للتبادل التعليمي مع المؤسسات في الخارج، إضافة الى تبادل الخبرات وتسهيل نظام المعادلات بين الجامعات المحلية والأجنبية. ويشير رمال الى ان نظام الـLMD يقوم على فصلين خلال السنة الدراسية الواحدة معتمدا نظام الارصدة التي حدد الحد الأدنى لها ب 120 رصيداً (credits) للطالب حتى ينال الاجازة. ويقسم الـ LMD مراحل التعليم الى ثلاث مستويات: إجازة ، دبلوم دراسات ودراسات دكتوراه. كما أصبح نظام التقييم مئوياً ومجزءاً: 60٪ على امتحان الفصل النهائي و40٪ على الحضور والمشاركة والتقييم. لكن رمال اشار الى «وجود بعض الصعوبات التي تواجه تطبيق هذا النظام الجديد ككل آلية جديدة متبعة، يمكن مناقشتها وإعادة تصويبها، والكلية بصدد اعادة تقويم وتصويب كل آليات التطبيق فيه، على سبيل المثال آلية العملية البحثية التي يجب ان تصبح أكثر عدالة». واعتبر رمال ان «مسألة الحضور الالزامي الذي ارتفع 10٪ هذه السنة، هو في مصلحة الطلاب، فالمواد سلسلة معرفية مترابطة، والاعمال التطبيقية سلة متكاملة تعطى بحجم مكون الصف»، كما أعلن عن استحداث سجل للأبحاث. من ناحية ثانية، تطرق رمال الى موضوع الماستر، قائلا ان القبول فيه هذه السنة له شروط من ناحية المستوى والمعرفة البحثية والمهنية، والماستر مفتوح أمام حملة شهادات الاعلام، معتبرا ان الحل بالنسبة للماستر ـ 2 مرتبط بالمعهد العالي للدكتوراه، وبات من السهل
اعادة النظر بشكل واضح في الامر. -->
فاطمة قاسم
السفير26-10-2007

موسم المدارس والعائلات الفقيرة في شاتيلا عذابات ناس المخيم لتأمين الحقيبة وحبة الدواء

سلوك الازقة الضيقة في مخيم شاتيلا، يدخلك الى عالم عائلات تنطوي على فقرها بل مآسيها الحقيقية دون حد أدنى من المبالغة. عائلتا أبو محمد وام رشيد من هذه العائلات. نبدأ مع الاولى، الباب يفتح أثناء النهار، يوصل الى سلم ضيق قذر تركد عليه مياه غسيل وسخة، بعد المرور على غرفة الجدة المريضة عند أسفل السلم، تعود صعودا الى بيت صغير علقت على جوانبه «مناشر» الغسيل. الصالون يحوي كنبات أربع وتلفازا وكوتان. الأب أبو محمد الضرير يجلس على طرف الكنبة العتيقة، فقد تسببت ضربة أستاذه في المدرسة منذ الصغر بانفصال في الشبكية أدى الى فقدان دائم لبصره، يضع نظارات سوداء على عينين لا تريان شيئا. أم محمد الأم، تسببت مجزرة صبرا وشاتيلا بقطع رجلها «وأنا الآن أضع طرفا اصطناعيا، وليس معي تكاليف متابعة العلاج ولا أستطيع حتى الركوب في سيارة». يتحدث أبو محمد «لا معيل لعائلتي المؤلفة من خمسة أشخاص إلا أهل الخير. وتقدم المؤسسات مثل بيت أطفال الصمود وعباد الرحمن وصندوق الزكاة، أشياء رمزية خصوصا في رمضان». الكتب والقرطاسية من حقائب ولوازم مدرسية هي نواقص مصطفى (البريفيه)، وآمنة (الخامس ابتدائي) ومروة (الثاني ابتدائي). الاطفال الثلاثة بدأوا عامهم الدراسي في مدارس الاونروا منذ عدة أيام. وتقول أم محمد ان «مروة تبكي تريد حقيبة مدرسية جديدة، بعد أن دفعت 10 آلاف ليرة ثمن حقيبة جديدة لآمنة». وتضيف «أحضرت لمصطفى حقيبة مستعملة، رفضها وفضل استعارة أخرى من أحد أصدقائه. الزي المدرسي قديم اشتريته للاولاد منذ السنة الماضية. أما الكتب فمجانية. ويبقى أمامي شراء الدفاتر والاقلام». «أنا مروة خير الدين محسن في الصف الثاني. أذهب الى المدرسة عند الثانية عشرة ظهر كل يوم، واليوم يسلموننا الكتب» هذا ما ترويه الفتاة ذات الاعوام الستة. بينما تقول أختها آمنة «سلمونا البارحة كتب تمارين اللغتين العربية والانكليزية والجغرافيا والتربية. ولقد انتقيت حقيبة جديدة اشترتها لي أمي». مشاكل الدراسة والصحة مليون وسبعمئة ألف ليرة لبنانية فقط لا غير، هي كلفة التسجيل في معهد التمريض التابع لمستشفى الساحل الذي تدرس فيه نهاد، أكبر بنات أبو محمد. تروي نهاد التي أنهت العقد الثاني من عمرها، معاناتها في تأمين قسط السنة الدراسية القادمة، «استدان والدي قسطي السنة الماضية، والسنة المقبلة أنوي التوقف عن الدراسة ـ ان شاء الله ـ لان أحوالنا المادية لا تسمح». وتضيف «يلزمني أيضا خلال السنة الدراسية لقاح كل شهرين بكلفة 75 ألف ليرة لبنانية،جربت ان أعمل مرة كممرضة للجيران، لكن الناس معترين هنا ليس معهم مصاري». يتابع أبو محمد: «عند إجراء الفحوصات الطبية العادية لابنتي آمنة في المدرسة السنة الماضية، لاحظت الطبيبة أن دقات قلبها غير منتظمة، فأخذتها الى مستشفى الزهراء، حيث تم إجراء صورة شعاعية وتخطيط لقلبها تبين اثرهما ان صمام القلب ضيق». ويتابع «لكن الطبيب في المستشفى لم ينصح بالعملية لحين بلوغها، يجدر الآن استعمالها أدوية الالتهابات والفيتامينات حتى الوقت الذي يحين موعد تركيب صمام بلاستيكي، أو يتبرع لها أحدهم بصمام طبيعي، وإلا فيضع لها صمام صناعي»، ويشير الى ان «بيت أطفال الصمود ساعدنا بتكاليف الفحوصات البالغة 200 ألف ليرة لبنانية». وعائلة أم رشيد «كنت في الصف السادس في مدرسة رام الله في شاتيلا، لكني توقفت عن الدراسة كي أساعد والدي الذي كان مريضا، على تأمين لقمة العيش لإخوتي الصغار الجياع»، هذا ما يحدث به رشيد (17 سنة) «عملت في جمع النحاس والالمنيوم بسبب ظروفنا القاهرة»، يضيف بحسرة «تخليت عن مستقبلي من أجل عائلتي. تعلمت مصلحة التكييف والتبريد والآن بيدي مصلحة صب المعادن والحدادة والبويا والدهان». أم رشيد الام تتشح بالسواد بعد وفاة زوجها منذ سنتين، تتحدث وتريق دموعها: «عندي أربعة أولاد الى جانب رشيد. التوأم ليال ورباب في الصف الثامن في مدارس الاونروا في بئر حسن، بليت بعبء جديد هو مصروف الاوتوكار لهما الى جانب هم القرطاسية». وتقول «محمد في الصف السادس في مدرسة رام الله، وعلي (4 سنوات) يعاني من التهابات في دمه وهو في صف الروضة الثانية في براعم الايمان». وتشكو أم رشيد ضعف أولادها في المدرسة التي بدأت السنة الدراسية الجديدة فيها منذ أيام، «الكتب من الاونروا والناس يساعدوننا في تأمين القرطاسية ـ الحمد لله ـ وما ينقص يجب أن أحضره بنفسي». «زوجي توفي منذ سنتين، لا أحد يعمل، نحن على باب الله، بعض المؤسسات تدعمنا. لكن في رمضان، الله لا يقطع أحدا، الخير كثير، وكل الناس تحــب المساعدة، الحمد لله». ليس بالحمل السهل على الاهل أن يقفوا مكتوفين عاجزين عن تأمين أبسط حاجات أبنائهم ومتطلباتهم البديهية. لقد أسرفت الحياة على هاتين العائلتين وعلى سواهما من عائلات تتدثر الفقر والمرض دون حد أدنى من مقومات العيش، أو حتى أشياء بسيطة من نوع حقيبة جديدة من النوع الرخيص، أجرة الاوتوكار، حبة الدواء و.. بعض من مجتمع اللجوء الفلسطيني في لبنان حيث تفتقد كل أنواع الضمانات الاجتماعية والاقتصادية للاطفال والعجزة والشباب. لذلك يستوطن الحزن العميق في نفوس الناس الى ان يحين موعد الفرج.
فاطمة قاسم
السفير

بالإضافة إلى الكثافة السكانية القاتلة وتردي الأوضاع كافة ميـاه الشتـاء تحـول مخيـم شاتيـلا إلـى مستنقـع

«يصل منسوب مياه الأمطار الى أكثر من 40 سم داخل بيتنا فيتلف أغراضنا»، هذا لسان حال محمد سعد من سكان مخيم شاتيلا في بيروت. يتألف منزل محمد المطليّ حديثا، من فرشتين وطاولة بلاستيكية وتلفاز، ويعيش مع أخته الكبيرة بعد وفاة الأخرى السنة الماضية بسبب «غلطة حكيم» ووفاة أمه وأبيه. ويضيف محمد: «يمنعنا طوفان المياه من الذهاب الى أشغالنا. لا نستطيع العمل ولا حتى النوم. في الماضي، اعتصم الناس لكن اليوم لا أحد يتحرك لأنه ما من أحد يسمع». مع بداية فصل الشتاء، يتذكر سكان المخيم حالة الشوارع عند بدء هطول الأمطار. «مياه المجاري تطوف على البيوت، وتنبع من قلب البلاط لتصل الى أسرّتنا فنسبح ونحن نيام»، هذا ما يقوله أبو علي الذي أشار الى أن المياه تبقى أحيانا يومين أو ثلاثة، لافتا الى ان «المياه تأتي من كل المناطق لتصب في المخيم فيصبح مستنقعا». ويضيف «نذهب الى مدير المخيم فلا يفعل شيئا. نحجز في بيوتنا ونغيب عن أعمالنا ومشاغلنا». «منسوب المياه يصل الى 70 سم. فمعظم الأبواب مغلقة بالباطون بارتفاعات تتناسب مع ارتفاع منسوب مياه المطر الذي يختلط بالقاذورات»، كما يقول ابو مجاهد. المشكلة الصحية المتردية «الوضع الصحي في المخيم سيئ للغاية: البيوت لا تدخلها الشمس، مبيدات الحشرات ترش فقط كل شهرين، النفايات لا ترفع إلا مرة واحدة صباحا، وعندما تقوم «الاونروا» بشفط المياه، ترميها في أماكن أخرى قريبة كي تطوف!» كما يؤكد العجوز أبو عماد. ويعدّ أبو صالح الأمراض الرئوية التي تصيب السكان، من الربو الى الحساسية وضيق التنفس والانفلونزا... فتعج عيادات «الاونروا» بالمرضى الذين لا تسنح الفرصة بالحصول على البطاقة المطلوبة إلا حتى التاسعة صباحا كي يتلقوا العلاج «السريع». ويؤكد مصدر من «المساعدات الشعبية للإغاثة والتنمية PARD» ان المسؤول عن النظافة والحالة البيئية هو «الاونروا»، بالإضافة الى عدد من الجمعيات التي تقوم بحملات نظافة مثل PARD و«الهلال الاحمر الفلسطيني» والمؤسسات الأهلية العاملة في المخيم مثل «بيت أطفال الصمود»، جمعية «النجدة الشعبية»، «مركز الفتوة والشباب»، الاتحادات الشبابية و«النادي الثقافي الفلسطيني». فتقوم هذه الفعاليات بجمع النفايات ورش المبيدات. كما تعقد ندوات لتوعية الأهالي حول أهمية النظافة. ويشير المصدر الى ان هناك « اتفاقا مع «سوكلين» على ان تضع «الاونروا» النفايات في مكان محدد كي تأخذها الشركة المتعهدة بالتعاون مع بلدية الغبيري». ويضيف «تفتح «الاونروا» مصارف المياه المسدودة، لكن ضمن إمكانيات محددة. في شاتيلا: المجارير غير مكشوفة كباقي المخيمات، لكن في المقابل، لا اكتراث من الناس، فيهملون ما يملكون في بيوتهم من قساطل وأدوات حتى تتفاقم حالتها». ويرى المصدر أن «الحاجة الكبرى في المخيم هي للتوعية والإرشاد الصحي للسكان». ويشير الى ان «عملية جمع النفايات كانت تقوم بها «المساعدات الشعبية النروجية» منذ سنتين، لكن تحولت الأدوات والعمال الى «PARD»: 3 عمال ومشرف، لديهم « Pick up» لرفع النفايات، ويساهمون في فتح المجارير وتصليح المياه، لان عدد عمال «الاونروا» غير كاف لمخيم نما بهذه السرعة. ويستمر عملهم يوميا من السابعة صباحا حتى الثانية من بعد الظهر. كما تقوم PARD بالتوعية الدورية للنساء في المخيم». أما مدير مركز «الفتوة والشباب» أبو مجاهد، فقد شرح وضع المخيم قائلا انه «صدر مرسوم جمهوري في العام 1959 يحدد العلاقة بين الاونروا والسلطات اللبنانية: يعود للحكومة اللبنانية توفير المياه والأمن والأحوال الشخصية. وعلى منظمة الاونروا توفير المسكن، الخدمات الاجتماعية، التعليم والطبابة. ووفق الاتفاق فإن الجوانب الرعائية والاجتماعية هي مسؤولية الاونروا بشكل مباشر». ويلفت ابو مجاهد الى ان «عدد سكان المخيم هو 18 ألف نسمة والاونروا لا تعترف إلا بمسؤوليتها عن 8500 نسمة منطلقة من اعتبار ان باقي السكان ليسوا فلسطينيين. تقوم «الاونروا» يوميا برفع النفايات في ظل غياب الحاويات بسبب ضيق الأزقة والطرق. وبعد الظهر، تصبح الشوارع مكبات للنفايات. وعن مياه الشفة يقول ابو مجاهد «اتفقت «الأونروا» وشركة مياه بيروت في الخمسينيات على تأمين 60 م مكعب من مياه الشرب، ولكن وبفعل التعديات على هذا الخط من الخارج (الحرش وحي فرحات)، لا يصل منه إلا القليل وما يصل منه للمخيم يتم سحبه بـ«الموتورات» من قبل فئات قليلة من سكان المخيم. ونتيجة لعدم توفر مياه الشرب في المخيم، كثرت محلات تكرير المياه التي غابت عنها الرقابة الصحية. أما على صعيد مياه الآبار الارتوازية فإنها لم تعد تكفي حاجات السكان، وحاليا هناك ثلاث آبار ارتوازية تم حفرها بمساعدات من مؤسسات دولية بمواصفات لا تصلح كمياه للشرب... وتتعطل أيضا عند تعطل المضخات». وبالنسبة للكهرباء فقد أشار ابو مجاهد الى ان «التقنين هنا يعود الى عدم قدرة احتمال المحولات للضغط وهي لم تكن أساسا بالقوة الكافية لتغذية المخيم. فمن أصل ست محطات لتوليد الطاقة الكهربائية كانت موجودة سابقا، لم يتبق منها سوى محطة واحدة وهي غير كافية لحاجات السكان». ويتحدث ابو مجاهد عن مشروع بين الاونروا والاتحاد الاوروبي وبلدية الغبيري. ويرى المراسل الفلسطيني حسن بكير بعد بحثه أن معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هي معاناة واحدة و مشتركة، وأسوأها وأكثرها خطورة ووضوحا تنطلق من بقعة صغيرة يعيش عليها ألوف اللاجئين الفلسطينيين الذين حرموا من أبسط سبل الحياة المتوفرة لأي إنسان عادي حتى من حقوقه المدنية، ومن حقوقه التعليمية والصحية والاجتماعية وحتى حرمانه من العيش في بيئة صحية وحق الإرث. وفي ظل أوضاع مؤلمة على كل المستويات المذكورة تقوم الأونروا بتقديم مساعدات طارئة مع منظمات إنسانية أخرى من بينها منظمة اليونسيف والمساعدات الشعبية النروجية والنجدة الشعبية على صعيد الإعمار والترميم وصيانة المجارير وتزفيت بعض الطرق المحيطة بالمخيم بالإضافة الى مساعدات مادية وعينية، وحفر آبار ارتوازية وإنشاء خزانات مياه ومد شبكات مياه، وقد جرت هذه المساعدات للاجئين في مخيم شاتيلا. مشكلة تزايد الكثافة السكانية ويتجلى سوء وتردي الوضع البيئي والوضع الاجتماعي للاجئين في مخيم شاتيلا من خلال الكثافة السكانية المتزايدة للاجــئين وغيرهم من السكان، الذين يشكلون أزمة بحد ذاتها. ففي بداية الثمانينيات كان يسـكن في مخيم شاتيلا ما يقارب 7500نسمة حسب إحصائيات الاونروا آنذاك، حالياً يقيم فــي المــخيم ما يزيد عــــن17000 نسمة حسب إحصائيات اللجنة الشعبية والتي تشير الى ان 60٪ من السكان فلسطينيون، 17 سوريون 13٪ لبنانيون و10٪ جنسيات مختلفة. هذا التزايد المخيف في تعداد السكان أحدث خللاً بالبنية التحتية والفوقية، واكتظاظ المباني أدى الى تضخم سكانــي وأصبح سكان مخيم شاتيلا يعانون من أوضاع سكنية صعبة جدا نتيجة لذلك حـيث أصبحوا يعانون من ارتفاع معدلات السكن للوحدة السكنية، والغرفة الواحدة التي لا يزيد معدل مساحتها عن 9 م مربعة. إضافة الى عدم صلاحية الوحدات السكنية المأهولة من كل النواحي أهمها عدم وجود الإنارة الكافية، وعدم دخول الـشمس اليها مما تسبب بأمراض صدرية عديدة منها الربو والحساسية وأمراض جلدية. وهذا الاختناق السكاني لا يؤكد فقط على وجود مشاكل بيئية مستعصية فحسب، إنما يشير الى التردي الكبير في الأوضاع البيئية التي تهدد حياة السكان. اذ ان انتشار القوارض والحشرات يلاحظ وفي كل الأوقات في الأزقة والتي تهاجم المساكن ومحلات بيع المواد الغذائية، وبالرغم من الــمساعدة الموجودة نسبيا من قبل الأنروا والـنروجية فإن كثرة النفايات وتجميعها بين البيوت وفي الأزقة الضيقة يؤدي الى جعلها مرتعاً للقوارض والحشرات، بالإضافة لمصادر التلوث المحيطـة بالمخيم وأبرزها مكبات النفايات والأبنية المدمرة . وحسب سجلات الأنروا هناك 12235 شــخصا مسجلا في مخيم شاتيلا وليس شرطا أن يكون هذا العدد مقيما داخل المخيم فمنهم من يقيم خارجه والبعض الآخر إما سافر خارج لبنان بداعي العمل وإما بقصد الهجــرة، وتخصص الأونروا 12 عاملا لتجميــع النفايات وتنظيف المجارير و«الريكارات» وسائق سيارة ويتم نقل النفايات من داخل الأزقة بواسطة عربات جر باليد وبسيارة قلاب مخصصة للنفايات، حيث يتم نقلها الى مكب بالقرب من المخيم. أما على صعيد شبكة المجارير فهي لم تعد تستوعب المياه المبتذلة. فمنذ تأسيس المخيم لم يتم إجراء تغيـيرات جذرية على هذه الشبكة باستثناء تغيـير بعض القساطل وبناء الريكارات وتركيب أغطيتها من قبل الأونروا بالإضافة الى العمل اليومي لعمال الأونروا وهو تسليك المجارير المسدودة وتنظيف الريكارات، أي ان الشبكة الحالية لا تتناسب وحجم التـزايد السكاني. وهناك انسداد دائم في هذه المجارير التي تنبعث منها الروائح الكريهة في الأزقة وحتى داخل البيوت.
فاطمة قاسم
السفير

نزوح الشباب إلى بيروت للدراسة والعمل يغير السلوك ضرورات التماشي مع المحيط للاندماج مع المجتمع

موضة، صداقات جديدة، أفكار منفتحة، اعتماد على النفس،هواتف نقالة، عمل، مصروف"، كل هذه التغييرات هي كلفة الانتقال الى بيروت للعمل أو الدراسة. نمط حياة بأكملها يتغير نتيجة السكن في جو جديد، تختلف عاداته وتقاليده. "العيب" هناك ربما ليس عيبا هنا. ارتداء انواع من الملابس لا يثير كلام الناس، اتخاذ صداقات مع الجنس الآخر والخروج الى المقاهي والدرس معا ليس بالامر المهم او اللافت.والانتقال دفعة نحو الاعتماد على الذات وايجاد عمل لتأمين مصروف الكماليات" الاساسية" في هذا الوضع الجديد. في سنواتهم الاولى في بيروت، يسعى بعض الشباب او الشابات الى ابراز انفسهم من خلال مظهر خارجي لا يلبثون ان يكتشفوا انه "موضة قديمة"، ان من حيث الملابس او التسريحة او حتى التبرج. «كل هنا يحمل هاتفا نقالا.الشاب يبدّل ثيابه أكثر من مرة يوميا والتسريحة لا تكون جيدة إلا بال«الجل»، هذا ما يقوله محمد علي الشاب القادم من بنت جبيل الجنوبية الذي يحاول ان يبتعد عن اللكنة الجنوبية التي لا تلبث ان تظهر بوضوح. محمد في بيروت بهدف دراسة ال"Information Technology" التي يتابعها في جامعة "ميكات" الخاصة. يتحدّث محمد عن مصروفه الذي "أصبح كبيرا هنا بسبب كثرة المصاريف الجانبية. فالضهرات المختلطة الى المقاهي للتسلية والمشاوير تكلّف أكثر، والثياب أهتم بها بشكل أكبر فأشتريها على الموضة. لذلك اضطررت ان اعمل بعد الظهر بدوام جزئي ستة ساعات بعد الجامعة حتى ألبّي حاجاتي الخاصة، بعدما تكفل والدي بقسط الجامعة. وفي هذا المجتمع يحتاج المرء الى كمية أكبر من المال حتى يتماشى مع المتطلبات، والاهل يعتبرون ان ما يهم فقط هو المسكن والاكل". ويضيف محمد "صرت بحاجة الى اشياء أخرى مكلفة كالكمبيوتر والانترنت". ويتذكر محمد انه في "الضيعة" التجمع للسهر كان في الساحة مع الاقارب والأصدقاء دون وجود الفتيات او الاختلاط إلا نادرا. ويلاحظ محمد ان "الشاب النازح معرّض للانحراف بشكل اكبر من الآخرين، لأن الوضع يتغير فجأة بالنسبة له، ما يمكن ان يشكّل مشاكل في بعض الاحيان".مشهد آخر، ميساء فتاة أتت من الشمال لتكمل دراستها الجامعية في بيروت.الوان ثيابها فاتحة، حجابها مزركش بأنواع مختلفة من القماش والالوان، تنتعل حذاءً بلون أحمر فاقع، متبرجة بماكياج كثيف، وتقول "خروجي كان قليلا والأماكن التي اعتدت ارتيادها بسيطة، تقتصر على بعض الاقارب والجيران". وتعتبر ميساء ان الأمور اختلفت ، اذ صرت بحاجة الى ثياب اكثر نظرا لتوسع علاقاتي الاجتماعية. وهنا لا تعتبر علاقات الصداقة مع الجنس الآخر غريبة.فقد اعتدت التقيد بالعادات والتقاليد التي لا تحبّذ ذلك. أنا ملزمة بها فكل الامور ترجع الى البيئة التي نشأت فيها.وتشير ميساء الى انها تعيش مع أهلها في بيروت، وليس عليها عبء ايجار البيت، "اذ يعمل أبي في بيروت،مما اضطررنا للمجيء معه. لكن يبقى مصروفي كبيرا: بدل النقل ومصاريف الجامعة ومصاريف اخرى كثيرة". وتلفت ميساء الى ان أحد اقاربها من أهل الشمال ، اضطر ايضا للانــتقال الى بـيروت للعمل، وبسبب غلاء المعيشة "ينام عندنا وهو يدرس في أحد المعاهد أيضا. ويقول انه لا يشعر أبدا بالانتماء الى بيروت، فهو متعلق بالضيعة ويفتقد أسرته، ويشعر بعبء المسؤولية في المستقبل، اذ ان بنــاء عائلة في هذا البلد أصبح شبه مستحيل".من المقلب الآخر في لبنان قدمت هبة (19 عاما)، لتسكن مع أخيها وأختها في حي السلم في الضاحية الجنوبية تاركين الأهل في ميس الجبل في الجنوب. وتقول «أنهيت مدرستي في الجنوب وأتيت الى بيروت منذ سنتين للدراسة الجامعية، فأنا أدرس الصحافة في كلية الاعلام والتوثيق، وقدم أخي وأختي من أجل عمليهما في الدرك ومتجر الملبوسات». وتضيف " أكلنا كله جاهز هنا، والطبخ قليل". وتشير هبة الى حبها للعيش في بيروت "افتقدت أهلي ، وتعلمت تحمل المسؤولية إذ لم أعتد ذلك فمنذ صغري لم أعمل شيئا في البيت، هنا أنظف وأقوم بكل شيء خاص بالمنزل. أزور الضيعة بمعدل مرة كل ثلاثة أسابيع والأعياد». وتلفت هبة الى ان «الحياة في بيروت مخيفة وتحتاج الى وعي كبير وتحمل عال للمسؤولية، فإن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب".من بعلبك تأتي زينب التي تسكن في الضاحية الجنوبية في شقة مفروشة مع ثلاث بنات منذ سنتين، «القدوم من بعلبك للعيش هنا، حتما يترك تغييرات جذرية»، هذا ما تراه زينب التي تعمل بدوام جزئي بعد الظهر سعيا منها "للتخفيف من مصاريفي الشخصية، كون أهلي يؤمنون القسط المرتفع لجامعتي الخاصة ".وتقول "تأقلمت مع الناس من ناحية اللباس والتفكير حتى أتماشى وأندمج مع من حولي ولا أكون منعزلة عن العالم. أحببت منذ صغري ارتداء الثياب على الموضة، لكن المحلات في بعلبك لا تتوافر فيها الملابس العصرية التي تواكب الحداثة. الآن صرت أذهب الى الحمرا وفردان لانتقاء ملابسي، فأنتظر الحسومات لتكون ثيابي على الموضة". وتشير زينب الى عدم تشدد عائلتها وتعصبهم من ناحية العلاقات الاجتماعية مع الشباب "أصدقائي الشباب في الضيعة كانوا من الاقارب والجيران. كنا نسهر عند بعضنا البعض في السهرات العائلية. وهنا بقيت علاقاتي ضــمن الحدود، لكن باستطاعتي الذهاب الى المقاهي والسينما وطبعا كل ذلك علنيّ". وتلفت زينب الى انها عندما تزور ضيعتها "تظهر عليّ تغييرات "المدينة"، فبعض الناس يقولون" نزلت على بيروت وفلتت"، لكن أهلي لا يتأثرون بكلام الناس، ويقومون بزيارتي من فترة الى أخرى. وأنا صرت في بيروت لكنني متمسكة بعاداتي وتقاليدي".
فاطمة قاسم